التربية بالقدوة الحسنة               عملي وعملكم                كلّا إنّها كلمة هو قائلها                 الله والتغيير                التربية بالقدوة الحسنة                القرآن وتربية الإنسان                 الشّباب ووقت الفراغ               لا عجلة في التعذيب               التقوى والنظر لغد               الإمام علي أعلم الأمّة               
  الرئيسية
  من نحن ؟
  من خدماتنا
  مواقع مهمة
  كشوف مالية بمساعداتنا
  المكتبة
  أنشطتنا
  المساهمات الخيرية
  الركن الاجتماعي
  أسئلة وأجوبة
  معرض الصور
  بحوث ومقالات
  اتصل بنا
 
عدد الزوار
164989
بحوث ومقالات > بحوث ومقالات عامة
 
 
تمزّق الصف الإسلامي .. أسبابه علاجه
مكتب الشؤون الفقهية بأوقاف اللواتية - 2015/05/07 - [المشاهدات : 893]
 

 تمزّق الصف الإسلامي .. أسبابه علاجه

شهاب الدين الحسني

قال الله سبحانه وتعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(1).

وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": (لا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحرمه ولا يخذله)(2).

إن الوحدة ورصّ الصف الإسلامي واجب شرعي ومكاسب الوحدة من البديهيات التي يتقبلها كل عاقل، ولو كثرت الشبهات في ذهنه.

كل شيء في حياتنا يدعونا إلى الوحدة والشعور واحد والتشريع واحد والسلوك واحد والمصالح واحدة، وما نراه في واقعنا من تمزّق وتناحر وتبادل النظرات السلبية بين جماعة وأخرى يعود بالدّرجة الأولى إلى الابتعاد عن هذه النقاط المشتركة والمحاور المتشابهة، وإلى ضعف الارتباط بالأفق الواسع الذي يجمع شملنا.

وأسباب التمزّق كثيرة منها ما هو نابع من داخل ذواتنا ومنها ما مصدره خارجها والأسباب الأساسية هي التي تنبعث من داخل ذواتنا، أمّا الأسباب الخارجة عن ذواتنا فهي أسباب ثانوية، لا يمكن أن تتحرك وتنشط ما لم تجد لها أرضية صالحة في أعماقنا.

من الأسباب الداخلية لتمزّق الصف:

1-خبث السرائر وسوء الضمائر:

قال الإمام علي "عليه السلام": (إنما أنتم إخوان على دين الله، ما فرّق بينكم إلاّ خبث السرائر وسوء الضمائر، فلا تآزرون ولا تناصحون ولا تباذلون ولا توادّون)(3).

الأخوة الإسلامية لواء ينضوي تحته المسلمون، في مواجهة غير المسلمين، فعدم المؤزرة وعدم التناصح وعدم التباذل وعدم التوادد لم ينشأ إلا من خبث السرائر، وسوء الضمائر، التي تتحكم في القلوب وتزرع فيها التنافر والتناحر والتمزق.

2-حب الدّنيا:

حبُّ الدنيا من مال وجاه رأس كل خطيئة، وهذا المرض يجعل كل جماعة تفكر في الإبقاء على وجودها وكيانها المتميز عن غيره، لأنّ التقارب والالتحام قد يؤدي في حسابها إلى انصهار وجودها وتمييع كيانها.

قال أحد الأمويين: (ما كان أحد أدفع عن عثمان من علي، فقيل له: ما لكم تسبّونه على المنابر؟ قال: إنه لا يستقيم لنا الأمر إلاّ بذلك)(4).

3-قلّة الوعي:

المسلم الواعي يستطيع أن يميز بين المصلحة والمفسدة، المصلحة تكمن في وحدته ومساهمته في رصّ الصفوف والتآزر مع إخوانه في العقيدة والإيمان، والمفسدة تكمن في تمزّقه وتناحره مع أبناء صفه الإسلامي الواحد. بالوعي يميّز المسلم بين أخيه المسلم وعدوّه.

وإذا افتقد ملكة الوعي فإن جهله يملي عليه أموراً تؤدي به إلى التقاطع والتدابر، ومن ثم شق الصف وتمزيق الوحدة، وبفقدانه لملكة الوعي يقع فريسة لمخططات الكفار، فينفذها ويحسب أنّه يعمل عملاً صالحاً وأنه يحسن صنعاً، وبهذا الصدد يقول الإمام علي "عليه السلام": (لو سكت الجاهل ما اختلف الناس).

4- التعصّب:

هناك انتماءات ثانوية، في حياة الإنسان إلى جانب انتمائه وولائه الديني كالانتماء إلى جمعية أو وطن أو عشيرة أو قومية، وهذه انتماءات طبيعية لا ينكرها الإسلام، ولكن ينكر التعصّب لها، وينكر أن يرى المسلم شرار قومه أفضل من خيار قوم آخرين. وبالتعصب لهذه الانتماءات، وجعلها صنماً يعبد من دون الله، ويطرح الانتماءات الحقيقية جانياً، تتفتت الوحدة، وتتمزق الأمة، وتصبح المقاييس والموازين غير إسلامية.

5-الاختلاف.

الاختلاف بمفرده لا يؤدي إلى الفرقة والتمزّق، فالاختلاف في وجهات النظر والاختلاف في الرأي الفقهي والاجتهادي، والاختلاف في الحكم على الأمور، والاختلاف في التخطيط، اختلاف طبيعي سببه تنوّع مداراك الإنسان واختلاف الظروف، بل إن الاختلاف يؤدي غالباً إلى التنافس المشروع في تطبيق المفاهيم الإسلامية، ولكن الاختلاف الذي تتحكم به الأنانية والمصالح الذاتية الضيقة، وتحرّكه مغريات الدنيا والعصبية المقيتة يؤدي حتماً إلى الفرقة والتمزّق.

6- السلوك المنحرف.

البهتان والاشاعات، الغيبة، النميمة، الحسد، التنابز بالألقاب، التعيير، التكبر، والمماراة الفارغة تؤدي إلى الفرقة والتمزّق أيضاً.

وإذا انتشرت هذه الانحرافات المحرّمة بصورة مكثفة، فإن الأمل بعيد في لمّ الشمل ورأب الصدع، وهي مرتع خصب لأعداء الإسلام، ينفذون من خلاله إلى صفوفنا فيمزّقونها شرَّ ممزّق.

وهذه النقاط والأسباب ثغرات داخلية في صفوفنا من خلالها تدخل جراثيم الكفار والملحدين، لتنخر جسدنا وتخلخل تماسكه وتلاحمه.

ومن الأسباب الخارجية:

1-الكفّار:

الكفار من مشركين وملحدين ومستعمرين لهم دور كبير في تمزيق الصف الإسلامي، وتفتيت وحدته، فالفرقة مرتعهم الخصب، وأرضهم الصالحة، التي لا يزرعون إلاّ فيها، ولا يعيشون إلاّ بها، وهم يتربصون بنا الدوائر ويتصيدون كل حجة ليتغذوا منها ويشيعوا الاضطراب في عقولنا وقلوبنا وسلوكنا، ويشغلونا بمعارك هامشية وجانبية تضعف قوتنا وتفرّق شملنا. وهم في تخطيط دائم من أجل أن لا ترتفع راية الوحدة في ربوعنا، ومن أجل أن لا نكون صوتاً واحداً ويداً واحدة ضدّهم.

2-المنافقون:

يعمل المنافقون في وسطنا لكنهم خارجون عنّا بمعتقدهم وتصورهم وتفكيرهم، وهدف هؤلاء الوحيد هو استغلال نقاط الخلاف بيننا وتوجيه بعض إخواننا الجهلاء والمغرّر بهم من أجل توسيع رقعة الخلاف، والتمسك بها، وإبعادهم عن المحاور الواحدة والنقاط المشتركة. وهم على مر التاريخ يعملون دون كلل أو ملل من أجل التمزيق والتفتيت وأولئك الذين لعنهم الله تعالى في كتابه العزيز وأنزل آيات كثيرة تكشف أساليبهم وخططهم.

علاج التمزّق والفرقة:

1-تقوى الله والاعتصام بحبله المتين وإخلاص النية له:

تقوى الله تحصّن المسلمين من التمزّق، وهي الكفيلة بالقضاء على الخصومات في مهدها وهي التي تبقي أسباب الودّ والمحبة في النفوس. تقوى الله تجعل المسلم يحبُّ الله، ويبغض في الله، وتجعل التعصب متركزاً في مكارم الخصال ومحامد الأفعال ومحاسن الأمور.

2- أداء مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

قال الإمام علي "عليه السلام" : (المسلم مرآة أخيه فإذا رأيتم من أخيكم هفوة، فلا تكونوا عليه البا، وارشدوه وانصحوا له وترفّقوا به، وإياكم والخلاف، فإنه مروق، وعليكم بالقصد تراءفوا وتراحموا) (5).

3-إصلاح ذات البين:

قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين)(6).

وقال "صلى الله عليه وآله": (ليس بكذّاب من أصلح بين اثنين فقال خيراً) (7).

وقال الإمام الصادق "عليه السلام" (صدقة يحبّها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقريب بينهم إذا تباعدوا)(8).

4- توجيه الأنظار إلى العدو المشترك، المتمثل بالكفار والمشركين والملحدين، وإخراج المنافقين من بين صفوفنا، وإيقاف نشاط المشائين بالنميمة، والمفرقين بين الأخوة.

5-أداء العبادات التي تعقد جماعة كصلاة الجمعة والجماعة وعدم مقاطعتها ولزوم السواد الأعظم.

6-الالتزام بالأخلاق الإسلامية السامية، والسلوك الإسلامي الرفيع، كالتواضع والرفق والحلم والتزاور والتلاقي والتآلف والتناصف والإيثار ونكران الذات وترك المصلحة الذاتية من أجل المصلحة الأكبر.

7- الابتعاد عن مقدمات التمزّق والفرقة:

أ-ترك الحسد والتنابز بالألقاب، والتعيير والبهتان والغيبة وترك الخذلان والتبرؤ والتحزين، والتباغض والخيانة والظلم والغش.

ب-ترك المراء والنقاش الفارغ، لأنه عامل في إثارة الأحقاد بين الإخوان.

قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" : (ذروا المراء لقلّة خيره، ذروا المراء فإنّ نفعه قليل، وإنّه يهيّج العداوة بين الأخوان) (9).

وقال "صلى الله عليه وآله" : (من ترك المراء وهو مبطل، بنى الله له بيتاً في ربض الجنة، ومن ترك المراء وهو محق بنى له بيت في أعلى الجنة) (10).

8-الاستفادة من دروس التاريخ:

فبعدما كان المسلمون يحكمون أقطار الأرض حيث كانت الآمال مجتمعة والعزائم واحدة والأيدي مترادفة، وقعت الفرقة واختلفت الكلمة فأصبحوا عبيداً للكفار يستضعفونهم وينهبون ثرواتهم.

قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": (لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)(11).

9-الاقتداء بسيرة السلف الصالح:

وذلك على قاعدة الإمام علي "عليه السلام": (ووالله لأسلّمنّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصة)(12).

واشترك الإمام علي "عليه السلام" في القرارات والخطط التي أصدرتها الدولة الإسلامية آنذاك.

واشترك ولداه عليهما السلام في بعض الفتوحات.

وكان الإمام زين العابدين "عليه السلام" يدعو لأهل الثغور، ويحثّ الناس على الجهاد أو على إسناد جبهات الحرب.

ووقف علماء المسلمين بكل مذاهبهم مع الدولة العثمانية في حربها مع أعداء الإسلام على الرغم من ظلم الولاة العثمانيين واضطهادهم لمخالفيهم.

10- تطبيق أقوال الرسول "صلى الله عليه وآله" والأئمة "عليهم السلام" :

قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" : (لا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحرمه، ولا يخذله)

(لا يحل لمسلم أن ينظر إلى أخيه بنظرة تؤذيه)(13).

وقال الإمام علي "عليه السلام" : (المؤمن لا يعيّر أخاه ولا يحزنه ولا يتهمه ولا يخذله ولا يتبرأ منه، إقبل عذر أخيك، فإن لم يكن له عذر فالتمس له عذراً)(14).

(إنّ المسلم أخو المسلم، فلا تخاذلوا ولا تنابزوا، فإن شرائع الدين واحدة، وسبله قاصدة)(15).

(الزموا السواد الأعظم، فإن يد الله على الجماعة، وإيّاكم والفرقة، فإن الشّاذ من الناس للشيطان، كما أن الشّاذ من الغنم للذئب)(16).

وقال الإمام الصادق "عليه السلام" : (تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهله)(17).

___________________

(1)آل عمران آية: 103.

(2)صحيح البخاري ج8ص 33.

(3)شرح نهج البلاغة ج7 ص 346.

(4) شرح نهج البلاغة ج7 ص 147.

(5)تحف العقول ص 71.

(6)أخرجه أبو داود ج3 ص 578.  

(7)أخرجه البخاري ج3 ص 337.

(8)بحار الأنوار ج76ص 44.  

(9)الترغيب ج1 ص131.

(10)الترغيب ج1 ص 131.

(11)كنز العمال ج 894.

(12)شرح نهج البلاغة ج6 ص 166.

(13)المحجة البيضاء ج3 ص 359.

(14)تحف العقول ص 74.

(15)تحف العقول ص 138.

(16)شرح نهج البلاغة ج8 ص 113.

(17)المحجة البيضاء ج3 ص 380.  

 
 
أضف تعليقاً
الاسم
البريد الإلكتروني
التعليق
من
أرقام التأكيد Security Image
 
 
 
محرك البحث
 
القائمة البريدية
 
آخر المواقع المضافة
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمود الهاشمي الشّاهرودي
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض دام ظله
 
آخر الصور المضافة
 
آخر الصوتيات المضافة
الإمام المجتبى عليه السلام بين حكم التاريخ وحاكميته
ضوابط قرآنية في حل المشكلات
الإمام الصادق عليه السلام ومحاربة الإنحراف
من ثمار التقوى
وقفات مع علم النفس القرآني
 
آخر الكتب المضافة
العبادة والعبودية
آية التطهير فوق الشبهات
إرشاد الحائر إلى صحة حديث الطائر
حديث الغدير فوق الشبهات
رسالة مختصرة في الفطرة والمشكلة الإنسانية
 
آخر الأسئلة المضافة
س:

  هل یجوز للرجل الزاني الزواج بابنة المراة التي زنا بها؟

ج:

  یجوز والاحوط استحباباً تركه.