التربية بالقدوة الحسنة               عملي وعملكم                كلّا إنّها كلمة هو قائلها                 الله والتغيير                التربية بالقدوة الحسنة                القرآن وتربية الإنسان                 الشّباب ووقت الفراغ               لا عجلة في التعذيب               التقوى والنظر لغد               الإمام علي أعلم الأمّة               
  الرئيسية
  من نحن ؟
  من خدماتنا
  مواقع مهمة
  كشوف مالية بمساعداتنا
  المكتبة
  أنشطتنا
  المساهمات الخيرية
  الركن الاجتماعي
  أسئلة وأجوبة
  معرض الصور
  بحوث ومقالات
  اتصل بنا
 
عدد الزوار
163374
بحوث ومقالات > بحوث ومقالات أخلاقية
 
 
الكذب .. حرمته .. أثاره .. أنواعه
مكتب الشؤون الفقهية بأوقاف اللواتية - 2014/01/14 - [المشاهدات : 1675]
 

الكذب .. حرمته .. أثاره .. أنواعه

بقلم: الشيخ حسن عبد الله العجمي

تعريف الكذب والأدلة على حرمته وبيان شيء من أضراره:

الكذب هو الإخبار المزيف عن الواقع بإعطاء صورة للسامع تخالف الحقيقة، وهذا الداء الخبيث والمرض العضال قد أصيب به الكثيرون، فتجد الابن يكذب على أبيه والأب يكذب على ابنه، والزوج يكذب على زوجته، والزوجة تكذب على زوجها، والصديق يكذب على صديقه، والأخ يكذب على أخيه، وتجد البائع يكذب على المشتري والمشتري يكذب على البائع، فالكثيرون مصابون بهذا الداء إلاّ من عصم الله سبحانه وتعالى.

ومع أنَّ الشريعة الإسلامية حرّمت الكذب إلاّ أنَّ البعض يمارسه بدون أدنى تحرّز أو تردد، فقد أصبح الكذبُ عند الكثيرين شيئاً عادياً وكأنه لم تأت في حقّه حرمةٌ من الله سبحانه وتعالى.

لقد نهت الشريعةُ الإسلاميةُ عن الكذبِ، فقال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) (1)، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) (2)، وقال سبحانه وتعالى أيضاً : (وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) (3)، وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" : (...وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) (4)، وقال "صلى الله عليه وآله" : (وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ) (5)، وقال "صلى الله عليه وآله": (كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ، وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ) (6).

وينقل أن رجلاً جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فقال: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَمَلُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: الصِّدْقُ، وَإِذَا صَدَقَ الْعَبْدُ بَرَّ، وَإِذَا بَرَّ آمَنَ، وَإِذَا آمَنَ، دَخَلَ الْجَنَّةَ "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَمَلُ النَّارِ؟ قَالَ: " الْكَذِبُ، إِذَا كَذَبَ الْعَبْدُ فَجَرَ، وَإِذَا فَجَرَ كَفَرَ، وَإِذَا كَفَرَ دَخَلَ -يَعْنِي النَّارَ -) (7).

إنّ البعضَ يختلق الأخبارَ والأحداثَ ويُخبر بغيرِ الواقعِ بهدفِ المزاحِ وإضحاكِ الآخرين، وهذا لا يجوز، فالكذبُ حرامٌ في الجد والهزل، فقد أثر عن النبي "صلى الله عليه وآله" أنّه قال: (وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ).

وقال الإمام زين العابدين علي بن الحسين "عليه السلام": (اتقوا الكذب الصغير والكبير في كل جد وهزل، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترئ على الكبير...) (8).

وقال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام": (لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب هزله وجده) (9).

وإنّ بعض الآباءِ والأمهاتِ يدفعون أبناءَهم إلى التخلق بهذا الخلق الذميم – الكذب - من حيث يشعرون أو لا يشعرون، فمثلاً عندما تطرق البابُ أو يَرُنُّ جرسُ الهاتف يقول الأبُ أو الأمُ للأبناء: إذا سأل أحدٌ عني فقولوا له أني غيرُ موجود، فأنت أيها الأب تدفع بهذا التصرف أبناءَك إلى الكذب وتُعوّدهم عليه وأنتِ أيتها الأم كذلك تدفعين أبناءَك إلى الكذب وتعودينهم عليه، فإذا كنت أيها الأب مشغولاً ولا تريد أن تقابل من جاءَ وطرق بابَ بيتك فقل لابنك أن يُعلم الطارق بأنك تعتذر عن اللقاءِ معه الآن، وإذا كنتِ أيتها الأم لا تريدين التحدثَ مع من اتصل بك فأخبري ابنك أو ابنتك بالاعتذار عن التحدث مع المتصل أو المتصلة ... فعلى الوالدين أن يكونا قدوة حسنة لأبنائهم لا قدوة سيئة .. 

والشريعةُ الإسلاميةُ إنّما حرّمت الكذبَ لما له من آثارٍ سلبيةٍ وخطيرةٍ، فهو يُؤدي إلى سوءِ سمعةِ الكاذبِ وسقوطِ كرامتِهِ، وانعدامِ الثقةِ به فلا يصدق وإن نطق بالصدق، ولا يثقُ الناسُ بمواعيده، ولا تُقبل شهادتُهُ، وإذا تفشى الكذبُ فإن ثقةَ الناس تضعفُ ببعضهم البعض، أو تنعدم، وهو باعثٌ على تضييع الوقتِ لتمييز الواقعِ الحقيقي من المزيفِ والصدقِ من الكذبِ، فلهذه الأسبابِ وغيرِها من الآثارِ السلبيةِ الكثيرةِ والخطيرةِ للكذبِ حرّمت الشريعةُ الإسلاميةُ الكذب.

فالكذب من الصفاتِ الذميمةِ القبيحةِ جداً، والتي تعودُ على صاحِبِها بالذمِّ والسقوطِ من أنظارِ أفرادِ المجتمعِ الذي يعيش فيه، فهو مرضٌ يُصيبُ النفسَّ الإنسانيةَ بعد أن كانت طاهرةً، فحريٌّ بمن ابتلى بهذا الذنبِ الخطيرِ والخلقِ الذميمِ أن يُعالجَ نفسَهُ منه، فما هو السبيلُ لكي يُعالجُ الإنسانُ نفسَهُ من هذا المرض ويُعيدُها إلى ما كانت عليه من الطهارة؟

أولاً: عليه أن ينظرَ ويتأملَ في مفاسدِ الكذبِ الكثيرةِ والخطيرةِ وآثارهِ السلبيةِ عليه في الدنيا والآخرة، ويكفي قولُ النبي "صلى الله عليه وآله": (... وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) في ابتعادِ الإنسانِ عن هذا الخلقِ الذميمِ.

ثانياً: عليه أن يستعرضَ فضائلَ الصدقِ ومآثرَهُ الجليلة، ويكفي في بيان مآثرِ الصدقِ الحديثُ المأثورُ عن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" أنّه قال: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ...) (10).

الكذب على الله والأنبياء والأئمة:

إنّ شدّةَ حُرمَةِ الكذبِ تختلفُ باختلافِ أنواعِهِ، فأعظمُهُ الكذبُ على اللهِ سبحانه وتعالى، وعلى النبيِّ الأكرمِ محمدٍ "صلى الله عليه وآله" وعلى سائِرِ الأنبياءِ وعلى الأئمة "عليهم السلام"، فهذا من أبشعِ صورِ الكذبِ وأعظمِهِ إثماً، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد : (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ...) (11)، وقال سبحانه وتعالى أيضاً: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَايُفْلِحُونَ) (12)، وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": (مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار) (13)، وفي رواية أخرى عنه "صلى الله عليه وآله" أنّه قال: (مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار) (14)، وقال "صلى الله عليه وآله": (مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ) (15)، وقال "صلى الله عليه وآله" : (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي جَهَنَّمَ يَرْتَعُ فِيهِ) (16). وقال "صلى الله عليه وآله": (إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى غَيْرِي, فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار) (17)، فإنّ عاقبةَ الكذبِ على رسولِ اللهِ "صلى الله عليه وآله" ليست كعاقِبَةِ الكذبِ على غيرِهِ من سائِرِ النّاس، لأنَّ كلامَ رسولِ اللهِ "صلى الله عليه وآله" في أمورِ الدِّينِ، وفعلُهُ وتقريرُهُ تشريعٌ للأمَّةِ كالقرآنِ الكريمِ، قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (18)، فمن يَكْذِبُ على رسولِ اللهِ "صلى الله عليه وآله" فإنّه يكونُ قد كذَبَ على اللهِ عز وجل أيضاً، وقد قال اللهُ سبحانه وتعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ) (19).

وقال الإمام الصادق "عليه السلام": (الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله من الكبائر) (20).

وقد أفتى بعض الفقهاء بأن الكذب على الله ورسوله والأئمة الطاهرين من أهل البيت "عليهم السلام" مما يفطر الصائم، ففي الخبر الموثق عن أبي بصير قال: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الكذبة لتفطر الصائم، قلت: وأيّنا لا يكون ذلك منه؟! قال: ليس حيث ذهبت؛ إنّما ذلك الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة صلوات الله عليه وعليهم) (21).

اليمين الكاذبة:

ومن صنوفِ الكذبِ الذي يُعّدُّ من كبائِرِ الذنوبِ اليمينُ الكاذبةُ، بأنْ يُقْسِمَ المرءُ باللهِ عزّ وجل كاذباً، فهي جرأةٌ على اللهِ سبحانه وتعالى بالحَلِفِ به كَذِباً وبهتاناً، وقد وردت النصوصُ الشريفةُ في ذمّها والتحذيرِ منها، ففي صحيحة أبي عبيدة الحذاء عن الإمام محمد بن علي بن الحسين الباقر "عليه السلام" قال: (إن في كتاب علي عليه السلام أن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم تذران الدّيار بلاقع من أهلها وتنغل الرحم – يعني انقطاع النسل-) (22)، ومعنى بلاقع: أي : تذرُها قاعاً صفصفاً خاليةً من كلِّ خيٍر بعد أن كانت عامرة .

وفي الخبر الموثق عن الإمام جعفر بن محمد الصادق "عليه السلام" قال: (من حلف على يمين وهو يعلم أنّه كاذب فقد بارز الله عزّ وجل) (23).

ومن ذلك ما روي عن النبيِّ المصطفى "صلى الله عليه وآله" أنه قال: (إيّاكم واليمينَ الفاجرةَ، فإنها تذرُ الديارَ من أهلها بلاقع) (24).

وقال "صلى الله عليه وآله": (لَيْسَ شَيْءٌ أَعْجَلَ ثَوَابًا مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَعْجَلَ عُقُوبَةً مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ) (25).

وقال "صلى الله عليه وآله": (من حَلَفَ على يمين وهو يعلمُ أنّه كاذبٌ فقد بارز اللهَ بالمحاربة، وإنّ اليمينَ الكاذبةَ تذر الديار بلاقعَ من أهلها، وتورثُ الفقرَ في العقب) (26).

وعن الإمام الصادق "عليه السلام" قال: (قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": اليمين الصبر الفاجرة تدع الديار بلاقع) (27).

ومن أعظمِ أصنافِ اليمينِ الكاذبَةِ أن يحلِفَ العبدُ بالله كاذباً ليقتطعَ باليمين الكاذبة حقَّ المسلمِ لنفسِهِ أو لغيرِهِ، فعن عبدالله بن مسعود قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقِّهِ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان) " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مسعود: ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (28).

وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": (مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ) (29).

فمن يحلف يميناً كاذبة ليعتدي على حق مسلمٍ فهو بهذا الفعل يُسيءُ إلى نفسِهِ إساءةً كبيرةً بتعريضها لسخطِ اللهِ سبحانه وتعالى وعقابِهِ، ويسيءُ أيضاً إلى من اختلقَ عليه اليمينَ الكاذبَةَ بإضاعَةِ حقوقِهِ، ويُسئ كذلك إلى من ساندَهُ وساعدَهُ حيثُ شجَعَهُ على بخسِ حقوقِ النّاسِ وابتزازِ أموالهِم وهدرِ كراماتِهم. 

واليمينُ التي يؤاخذُ عليها العبدُ هي تلك اليمينُ المعقودةُ في القلبِ والمقصودةُ لتوثيقِ الكلامِ، أما ما يَنْطِقُ به الإنسانُ من أيمانٍ بحكم جريانِ العادةِ فلا يؤاخذ عليه، وهو من لغوِ اليمين، كالقولِ في غضونِ الكلامِ لا والله، وبلى والله، فإنه لا يقصدُ بذلك الحلِفُ ولا تأكيدُ القولِ، قال الله سبحانه وتعالى : (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ) (30)، على أنّ الشريعةَ الإسلاميةَ توجه المسلمَ لأن ينزه اللهَ تبارك وتعالى عن أن يجعَلَهُ عرضةً لأيمانه، حتى ولوكان صادقاً في قوله، قال اللهُ سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (31).

شهادة الزور:

ومن أقسام الكذبِ الذي يعد من الكبائرِ (شهادةُ الزور) فقد نهى اللهُ سبحانه وتعالى عنها في كتابه المجيد بقوله : (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)(32)، وقال النبيُّ "صلى الله عليه وآله" محذراً منها: (لا ينقضي كلامُ شاهدِ الزورِ من بينِ يديِ الحاكمِ حتى يتبوأ مقعدَهُ من النار، وكذلك من كتم شهادة) (33)، وقال "صلى الله عليه وآله": (...ومن شَهِدَ شهادةَ زور على رجلٍ مسلمٍ أو ذميٍّ أو مَنْ كانَ من النّاس، عُلِّقَ بلسانِهِ يومَ القيامةِ وهو مع المنافقين في الدَّرْكِ الأسفلِ من النّارِ) (34)، وقال "صلى الله عليه وآله" أيضاً: (يُبْعَثُ شاهدُ الزورِ يومَ القيامَةِ يَدْلَعُ لسانَهُ في النّار كما يَدْلَعُ الكلبُ لسانَهُ في الإناء)(35)، فشهادةُ الزورِ بكافة أفرادها وأنواعها من المعاصي الكبيرة التي توعد الله سبحانه وتعالى عليها بالنّار على لسان نبيّه الأكرم، وفي صحيحة هشام بن سالم عن الإمام جعفر بن محمد الصادق "عليه السلام" قال: (شاهدُ الزورِ لا تزولُ قدماه حتى تجب له النار) (36)،  وعن الإمام محمد بن علي الباقر "عليه السلام" : ( ما من رجل يشهد بشهادة زور على مال مسلم ليقطعه إلاّ كتب الله له مكانه صكاً إلى النار) (37)، وأعظمها وأشدّها إثماً وعذاباً شهادةُ الزور التي بسببها يُسفك دمُ الإنسانِ ظلماً وبدون حق.

فإنّ شاهدَ الزّورِ بارتكابه لهذا الذنبِ العظيمِ يَظلمُ نفْسَهُ حيثُ أنّه يُعرّضها لعذابِ اللهِ سبحانه وتعالى وعقابِهِ العظيم، ويَظلِمُ من شَهِدَ عليه حيثُ أخُذَ منه مالُهُ أو حقُّهُ أو أُزهقت روحُهُ بشهادة شاهدِ الزورِ الكاذبة، وقد حذرت الشريعةُ الإسلاميةُ من ظلمِ الآخرين قولاً وفعلاً، وزجرت عنه أشدَّ الزجر، قال الله تعالى: (وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(38)، وقال سبحانه وتعالى أيضاً: (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (39)، وقال عزّ من قائل: (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)(40)، وقال تعالى أيضاً:  (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (41)، وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": ( ... وإياكم والظلم ، فإن الظلمَ عند اللهِ هو الظلماتُ يومَ القيامة ) (42)، فهو يؤدي إلى سخطِ اللهِ عزّ وجل ونقمتِهِ على عبدِهِ الظالم، وبالتالي فهو موجبٌ من موجباتِ الدخولِ إلى النار ، ففي الرواية عن النبيِّ الأكرمِ "صلى الله عليه وآله" أنّه قال : (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ سَرَّتْهُ حَسَنَاتُهُ، فَيَجِيءُ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ ظَلَمَنِي، فَيُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَيُجْعَلُ فِي حَسَنَاتِ الرَّجُلِ فَمَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى مَا يَبْقَى لَهُ حَسَنَةٌ ، فَإِذَا جَاءَ مَنْ يَسْأَلُهُ نَظَرَ إِلَى سَيِّئَاتِهِ فَجُعِلَتْ مَعَ سَيِّئَاتِ الرَّجُلِ ، فَلَا يَزَالُ يَسْتَوْفِي مِنْهُ حَتَّى تُدْخِلَهُ النَّارَ) (43)، وفي رواية أنّه "صلى الله عليه وآله" قال: (أَتَدْرُونَ من الْمُفْلِسُ ؟ قالوا : الْمُفْلِسُ فِينَا من لا دِرْهَمَ له ولا مَتَاعَ ، فقال : إِنَّ الْمُفْلِسَ من أُمَّتِي من يَأْتِي يوم الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قد شَتَمَ هذا وَقَذَفَ هذا وَأَكَلَ مَالَ هذا وَسَفَكَ دَمَ هذا وَضَرَبَ هذا فَيُعْطَى هذا من حَسَنَاتِهِ وَهَذَا من حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قبل أَنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ من خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عليه ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ)(44)، وإنَّ هناك عقبةً على الصراطِ في يومِ القيامةِ لا يجتازها عبدٌ بمظلمةٍ حتى يُقتَصَّ منه، وهي من أصعبِ وأشدِّ العقباتِ التي يواجهها العبد، ففي الرواية عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال : (بين الجنّةِ والعبدِ سبعُ عقابٍ، أهونُها الموتُ ، قال أنس: قلت : يا رسول الله فما أصعبُها ؟ قال : الوقوفُ بين يدي الله عز وجل إذا تعلّق المظلومون بالظالمين) (45).

ومن الآثارِ السلبيةِ لشهادةِ الزورِ أنّها سببٌ في تخليصِ المجرمِ من عقوبةِ الإجرامِ، وفي ذلك تشجيعٌ له على الاستمرارِ في ممارسةِ الجرائمِ، وإغراءٌ للآخرين بفعلها اتكالاً على وجودِ شهودِ الزورِ الذين سيخلصونَهُم من تبعاتِ جرائِمهم، وبالتالي فإنَّ في تفشي شهادةِ الزورِ تعمُّ الفوضى في المجتمعِ وتنتشرُ فيه الجرائمُ وتُنتهكُ الأعراضُ وتسلبُ الحقوقُ وترتكبُ الجرائمُ بشكل واسعٍ وكبيرٍ.

والشريعةُ الإسلامية كما أنّها نهت عن شهادةِ الزورِ نهت أيضاً أشدَّ النهيِّ عن أخذ المسلمِ ما ليس له بحق، والذي حُكِمَ له به بسبب شهادةِ الزورِ أو بسبب عدمِ تقديمِ صاحبِ الحقِّ الأدلةَ الكافية التي تثبت له هذا الحق، فعن النبيِّ الأكرمِ "صلى الله عليه وآله" أنّه قال: (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُهُ بِهِ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ) (46) .

وكما أنّ الشريعةَ الإسلامية نهت عن شهادةِ الزّورِ فكذلك أمرت بالإدلاءِ بالشهادةِ بالحقِّ، قال الله سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ) (47)، وقال تعالى أيضاً: (وأقِيمُوا الشَّهادةَ لله) (48)، وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": (من شهدَ شهادةَ حقٍّ ليحمي بها حقَّ امرئٍ مسلمٍ أتى يومَ القيامَةِ ولوجهِهِ نورٌ مدَّ البصر، يَعرِفُهُ الخلائقُ بإسمِهِ ونسبِهِ)(49) ، ونهت نهيّاً شديداً عن التقاعسِ عن أدائِها أو كِتمانِها، قال الله سبحانه وتعالى: (وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) وقال تعالى أيضاً: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(50)، وقال سبحانه وتعالى أيضاً: (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (51)، وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": (مَنْ كَتَمَ شَهَادَةً إِذَا دُعِيَ إِلَيْهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَ بِالزُّورِ) (52)، وفي الرّواية عن الإمام جعفر الصادق "عليه السلام" عن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" أنّه قال: ( لا ينقضي كلام شاهد الزور بين يدي الحاكم حتى يتبوأ مقعده من النّار، وكذلك من كتم الشهادة) (53).

الموارد التي يجوز فيها الكذب:

وقد جوّز الفقهاء الكذب إذا تحقق به دفع ضرر عن النفس أو العرض أو المال سواء كان الضرر متوجها إليه أو إلى غيره، بل في بعض الموارد حيث يكون الضرر على النفس أو العرض أو المال كبيراً أو فاحشاً يصبح الكذب واجباً، بل ورد في الرّوايات جواز الحلف بالله كاذباً من أجل نجاة النفس وصيانة العرض والمال فعن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، عن آبائه "عليهم السلام"، عن الإمام علي "عليه السلام"، قال: (احلف بالله كاذباً ونجّ أخاك من القتل) (54).

وفي صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري عن الإمام علي بن موسى الرضا "عليه السلام" قال: ( ... وسألته عن رجل يخاف على ماله من السلطان فيحلف لينجو به منه؟ قال "عليه السلام": لا جناح عليه.

وسألته: هل يحلف الرجل على مال أخيه كما على ماله؟ قال "عليه السلام": نعم) (55).

وبالرغم من أنّ الكذب جائز في الموارد التي ذكرناها إلاّ أن الضرر إذا كان قليلاً كما إذا كان الضرر واقعاً على المال ويمكن تحمله فإنه ينبغي حينئذ تحمل هذا الضرر وعدم الكذب، فقد ورد في الرّواية عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" أنّه قال: (علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرّك على الكذب حيث ينفعك) (56).

كذلك إذا كان قادراً على دفع الضرر بالتورية فإن الأحوط أن يدفع الضرر بها لا بالكذب.

ومن الموارد التي جوّز الفقهاء فيها الكذب مورد الإصلاح بين المتخاصمين المؤمنين وكان طريق الإصلاح بينهما منحصراً في الكذب ولا يمكن بغيره أو بالتورية فيجوز حينئذ الكذب ولا إثم على الكاذب، ففي صحيحة معاوية بن عمّار عن الإمام جعفر بن محمد الصادق "عليه السلام" قال: (المصلح ليس بكاذب) (57).

وفي وصية النبي "صلى الله عليه وآله" إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" قال: (يا علي إن الله عزّ وجل أحب الكذب في الصلاح، وأبغض الصدق في الفساد) (58).

وجوّزوا أيضاً الكذب على العدو في الحرب فيما إذا كان الكذب سبباً في الانتصار على العدو والغلبة عليه.  

_______________

(1) النحل: 105.

(2) غافر: 28.

(3) الجاثية: 7.

(4) مسند أحمد 1/384.

(5) مسند أحمد 5/5.

(6) سنن أبي داود 2/471.

(7) مسند أحمد 2/176.

(8) بحار الأنوار 69/235.

(9) مرآة العقول ج10 ص 332 .

(10) مسند أحمد 1/384.

(11) الزمر: 60.

(12) النحل: 116.

(13) صحيح البخاري 1/35.

(14) بحار الأنوار 104/ 300.

(15) سنن ابن ماجه 1/15.

(16) جزء أبي طاهر السلفي حديث رقم: 20.

(17) صحيح البخاري 2/82.

(18) النجم: 3-4.

(19) العنكبوت: 68.

(20) الكافي 2/340.

(21) الكافي 2/340.

(22) الكافي 5/477 .

(23) الكافي 5/476 .

(24) الكافي 7/436.

(25) السنن الكبرى للبيهقي 10/36.

(26) بحار الأنوار 101/283.

(27) الكافي 5/476 .

(28) صحيح مسلم 1/86.

(29) سنن الدارمي 2/266.

(30) المائدة: 89.

(31) البقرة: 224- 225.

(32) الحج: 30.

(33) الكافي 7/383.

(34) ثواب الأعمال صفحة 286.

(35) ميزان الحكمة 2/1508.

(36) الكافي 5/418 .

(37) الكافي 5/418 .

(38) الصف: 7 .

(39) آل عمران : 57.

(40) الحج: 53.

(41) القصص: 37.

(42) بحار الأنوار 70/304.

(43) ميزان الحكمة 2/1771.

(44) صحيح مسلم 8/19.

(45) ميزان الحكمة 2/1771.

(46) السنن الكبرى للنسائي 3/472.

(47) المعارج: 33.

(48) الطلاق: 2.

(49) الكافي 7/381.

(50) البقرة: 140.

(51) البقرة: 253.

(52) كنز العمال 7/15.

(53) الكافي 5/418 .

(54) تهذيب الأحكام 8/30 .

(55) الكافي 7/440 .

(56) وسائل الشيعة 12/255 .

(57) الكافي 2/310 .

(58) من لا يحضره الفقيه 4/354 .

 
 
أضف تعليقاً
الاسم
البريد الإلكتروني
التعليق
من
أرقام التأكيد Security Image
 
 
 
محرك البحث
 
القائمة البريدية
 
آخر المواقع المضافة
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمود الهاشمي الشّاهرودي
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض دام ظله
 
آخر الصور المضافة
 
آخر الصوتيات المضافة
الإمام المجتبى عليه السلام بين حكم التاريخ وحاكميته
ضوابط قرآنية في حل المشكلات
الإمام الصادق عليه السلام ومحاربة الإنحراف
من ثمار التقوى
وقفات مع علم النفس القرآني
 
آخر الكتب المضافة
العبادة والعبودية
آية التطهير فوق الشبهات
إرشاد الحائر إلى صحة حديث الطائر
حديث الغدير فوق الشبهات
رسالة مختصرة في الفطرة والمشكلة الإنسانية
 
آخر الأسئلة المضافة
س:

  هل یجوز للرجل الزاني الزواج بابنة المراة التي زنا بها؟

ج:

  یجوز والاحوط استحباباً تركه.