التربية بالقدوة الحسنة               عملي وعملكم                كلّا إنّها كلمة هو قائلها                 الله والتغيير                التربية بالقدوة الحسنة                القرآن وتربية الإنسان                 الشّباب ووقت الفراغ               لا عجلة في التعذيب               التقوى والنظر لغد               الإمام علي أعلم الأمّة               
  الرئيسية
  من نحن ؟
  من خدماتنا
  مواقع مهمة
  كشوف مالية بمساعداتنا
  المكتبة
  أنشطتنا
  المساهمات الخيرية
  الركن الاجتماعي
  أسئلة وأجوبة
  معرض الصور
  بحوث ومقالات
  اتصل بنا
 
عدد الزوار
163339
بحوث ومقالات > بحوث ومقالات أخلاقية
 
 
وسائل الوقاية من الذنوب والمعاصي
مكتب الشؤون الفقهية بأوقاف اللواتية - 2014/01/14 - [المشاهدات : 1037]
 

وسائل الوقاية من الذنوب والمعاصي

عن الإمام أمير المؤمنين "عليه السلام" قال: (عجبت لأقوام يحتمون الطعام مخافة الأذى كيف لا يحتمون الذنوب مخافة النار).

مقدمة:

إن من المسلمات التي لا يمكن المناقشة فيها عند جميع الناس هي أن الإنسان ينبغي أن يبتعد عن كل ما يسبب لبدنه الأذى، ومن يرفض هذه المسلّمة فإن الناس لا تعده من أهل العقل، وإنما ينسب إلى الجهل والسفه، فأي إنسان عاقل لا يمكن أن يفكر بتعريض نفسه إلى الأذى والأمراض، لذلك جرت المقولة المشهورة على ألسنة الناس: (الوقاية خير من العلاج) وذلك أن الإنسان ربما يحتاج إلى الكثير من المعاناة للتخلص من المرض، بينما عملية الحميه والوقاية من الوقوع فيه خير له من أن يقع فيه، ثم يحاول التخلص منه. ولا أظن أن أحداً يتّسم بالعقل يستطيع أن يناقش في هذه القضية. ونحن نعلم أن حياة الإنسان غير محدودة بالفترة التي يعيشها في هذه الحياة الدنيا، وإنما هو موعود بالخلود، فالبدن بالنسبة إليه ما هو إلاّ ظرف محدود لشخصيته وروحه الباقية والموعودة بالخلود وعدم الفناء، فما يفنى هو البدن وما يبقى هو الروح والنفس، والتي ستعيش في عوالم مختلفة لتصل إلى الخلود الأبدي في النعيم أو الجحيم، وبالتالي فالحفاظ على البدن وإنما هو حفاظ على أمر زائل؛ لأن الموت والفناء من نصيب كل إنسان، ومع ذلك فالحفاظ عليه يعتبر من الأمور المهمة والضرورية لاستمرارية الحياة براحة، وبدون معاناة لآلام المرض.

بعد أن عرفنا هذا لا بد من الانتقال إلى نقطة أخرى، وهي أن الروح - الأمر الباقي في الإنسان - يمكن أن تتعرّض إلى المرض أيضاً كما يتعرض البدن، بل إن الأمراض التي تتعرض لها الروح أشد فتكاً وأسوأ عاقبة من الأمراض التي تصيب البدن، لأن المرض الذي يصيب البدن يزول بزواله وموته، بينما الأمراض التي تصيب الروح تستمر مع الإنسان في مراحل حياته التي تلي الموت، وأشد النتائج التي يمكن أن تترتب على أمراض البدن هي: الموت الذي هو عباره عن انتقال من حياة إلى حياة أخرى ومن نشأة إلى نشأة أخرى بينما الأمراض التي تصيب الروح فإن من نتائجها المحتملة؛ الخلود في النار، ومن هنا فإن الوقاية والحمية من الأمراض الروحية لا بد أن يحظى باهتمام أكبر بكثير، بل بما لا يمكن المقايسة فيه مع الوقاية والحمية من الأمراض الجسمية.

ومن أهم أسباب هذه الأمراض الموجبة للوصول إلى النار والخلود فيها هو ارتكاب الذنوب والمعاصي، وهنا لا بد من الإشارة إلى بعض الوسائل التي ينبغي للإنسان الالتزام بها ليحصن نفسه من الوقوع في الذنوب والمعاصي ومنها:

أولاً: ذكر الله: من أهم الوسائل التي يمكن للإنسان أن يحمي نفسه ويقيها من الوقوع في الذنوب هي حالة العيش مع الله سبحانه وتعالى والإدمان على ذكره سبحانه وتعالى؛ لأن الإنسان الذي يعيش قلبه وروحه بذكر الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يتعرض إلى الذنب، فذكره سبحانه وتعالى يوجب العصمة من كثير من الأمور، فهو طارد للشيطان. فقد ورد في الأحاديث الشريفة المروية عن المعصومين عليهم السلام ما يؤكد ذلك:

فعن علي "عليه السلام" قال: (ذكر الله مطردة الشيطان)

ومن دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام: (وجعلت لنا عدواً يكيدنا... فاقهر سلطانه عنا بسلطانك حتى تحبسه عنا بكثرة الدعاء لك فنصبح من كيده من المعصومين بك).

ولما كان الشيطان هو السبب الأساسي في غواية الإنسان وإيقاعه في شراك الذنوب، فإن الذكر يوجب طرده. وبالتالي لا يجد وسيله لغواية الإنسان والوسوسة له مما يجعله معصوماً من الوقوع في الذنوب.

هذا بالإضافة إلى أن من عوامل الوقوع في الذنوب والمعاصي هو السهو، أي: سهو القلب وغفلته، وبالتالي تعمل النفس الأمّارة بالسوء دورها في إيقاع صاحبها بالذنب، ويأتي دور الذكر هنا لإحيائها والحيلولة دون وقوعها في السهو لتصبح صامدة أمام تسويلات النفس، فقد ورد في الحديث القدسي عن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: قال الله سبحانه وتعالى: (إذا علمت أن الغالب على عبدي الاشتغال بي نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حلت بينه وبين أن يسهو أولئك أوليائي حقاً أولئك الأبطال حقاً).

وهكذا، فإن الذكر يقف حائلاً أمام العوامل الأساسية للوقوع في الذنب، والتي تعمل عملها في الإنسان للوقوع فيه، فالشيطان والنفس الأمّارة بالسوء هما العاملان الأساسيان للوقوع في الذنوب والمعاصي، وذكر الله سبحانه وتعالى يقف أمام هذين الأمرين، فهو طارد للشيطان وحائل بين الإنسان وبين الوقوع في الغفلة والسهو.

وبواسطة الذكر يستطيع الإنسان أن يحيا الحياة الطيبة الخالية من الذنوب الموجبة لأليم العقاب، بل الموجبة لتنغيص الحياة، فالذنب ليس مرضاً أخروياً فحسب، وإنما هو مرض له تأثيراته على الإنسان في الحياة الدنيا، وأشار القران الكريم إلى الإعراض عن ذكر الله سبحانه وتعالى وأثره على الإنسان في قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى).

فالإعراض عن ذكر الله سبحانه وتعالى يوجب المعيشة الضنكى في هذه الحياة؛ لأن الإنسان سيكون منغمساً بالملذات والشهوات والذنوب التي توصله إلى هذه الحالة النفسية المتردية بغض النظر عن الجزاء الأخروي.

ثانياً: ذكر الموت:

نلاحظ أن من الأسباب الرئيسية لاقتراف الذنوب والوقوع في المعاصي هي الأمل وعدم الإحساس بالموت، فالنفس الإنسانية فيها غريزة الخلود، وبالتالي الإنسان بغفلته عن الموت يُقبل على الدنيا بكل ما لديه من إمكانيات وقوة، وكأنه يعيش مخلداً فيها، والإمام الصادق "عليه السلام" يعبر عن هذه الحقيقة بما روي عنه "عليه السلام": (لم يخلق الله سبحانه وتعالى يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت).

فالإنسان مع اعترافه وتيقنه بالموت المحتم إلاّ أنه يعيش معه كما يعيش مع أي أمر مشكوك، وإذا استطاع أن يجعل الموت نصب عينيه ويذكّر نفسه بهذه العاقبة التي لا بد أن يصل إليها؛ فإنه لا شك سوف يقلع عن الكثير من الذنوب، ولا يمكن أن يرتكب المعاصي لعلمه بفناء هذه الحياة الدنيا وأن وراءه الموت الذي لا مفرً منه.

من هنا نلاحظ أن الشارع المقدس أكّد كثيراً على زيارة القبور والاعتبار؛ لأنها تذكّره بالنهاية التي تنتظره، فربما ينشغل عن ذكر الموت في هذه الحياة، ولكن عندما يأتي القبور وينظر إليها ويتفكّر في عاقبة أمره، سيجعل الموت نصيب عينيه، ويبدأ بالاستعداد له لأنه يرى أن كل يوم يمرّ عليه يقرّبه من هذه النهاية.

والنبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" يصرّح بضرورة الإكثار من ذكر الموت لما فيه من أهمية في العمل والاستعداد، فقد روي عنه "صلى الله عليه وآله" أنه قال: (أكثروا ذكر هادم الذات) فقيل يا رسول الله وما هادم اللذات؟

قال: (الموت، فإن أكيس المؤمنين أكثرهم ذكراً للموت وأشدّهم استعداداً له).

ثالثاً: اختيار الأخلاّء والأصدقاء:

من الحقائق الثابتة هي: تأثّر الإنسان بأخلائه  وأصدقائه، وقد لا نجد من يستطيع أن يؤثر في الإنسان أكثر من الخليل والصديق، فقد ورد عن علي "عليه السلام": (أن الصديق أقرب الأقارب)، وبالتالي فإن من أهم موجبات الوقوع في الذنوب هي أن يقرن الإنسان نفسه مع أهل المعاصي والذنوب ومخالطتهم ومعاشرتهم، والقرآن الكريم يؤكد على هذه الحقيقة في مجموعة من الآيات الكريمة، كقوله تعالى: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) .

فالآيات تعطينا نموذجاً عن الإنسان الذي يطيع الصديق والخليل والعاقبة التي يمكن أن يصل إليها كما في قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا).

بل أكثر من ذلك فإن القرآن يشير إلى أن الصداقة لا بد أن تكون مبنيه على أساس التقوى والإيمان، وهي النافعة والباقية والمؤثرة يوم القيامة، وكل صداقة لا تنبني على هذا الأساس فهي تتحول إلى عداء يوم القيامة: (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (*).

____________________

(*) المصدر كتاب" دروس من الإسلام" للسيد علي الحكيم.

 
 
أضف تعليقاً
الاسم
البريد الإلكتروني
التعليق
من
أرقام التأكيد Security Image
 
 
 
محرك البحث
 
القائمة البريدية
 
آخر المواقع المضافة
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمود الهاشمي الشّاهرودي
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض دام ظله
 
آخر الصور المضافة
 
آخر الصوتيات المضافة
الإمام المجتبى عليه السلام بين حكم التاريخ وحاكميته
ضوابط قرآنية في حل المشكلات
الإمام الصادق عليه السلام ومحاربة الإنحراف
من ثمار التقوى
وقفات مع علم النفس القرآني
 
آخر الكتب المضافة
العبادة والعبودية
آية التطهير فوق الشبهات
إرشاد الحائر إلى صحة حديث الطائر
حديث الغدير فوق الشبهات
رسالة مختصرة في الفطرة والمشكلة الإنسانية
 
آخر الأسئلة المضافة
س:

  هل یجوز للرجل الزاني الزواج بابنة المراة التي زنا بها؟

ج:

  یجوز والاحوط استحباباً تركه.