التربية بالقدوة الحسنة               عملي وعملكم                كلّا إنّها كلمة هو قائلها                 الله والتغيير                التربية بالقدوة الحسنة                القرآن وتربية الإنسان                 الشّباب ووقت الفراغ               لا عجلة في التعذيب               التقوى والنظر لغد               الإمام علي أعلم الأمّة               
  الرئيسية
  من نحن ؟
  من خدماتنا
  مواقع مهمة
  كشوف مالية بمساعداتنا
  المكتبة
  أنشطتنا
  المساهمات الخيرية
  الركن الاجتماعي
  أسئلة وأجوبة
  معرض الصور
  بحوث ومقالات
  اتصل بنا
 
عدد الزوار
165741
بحوث ومقالات > بحوث ومقالات قرآنية
 
 
الدنيا في نظر علي عليه السلام
مكتب الشؤون الفقهية بأوقاف اللواتية - 2015/05/07 - [المشاهدات : 1055]
 

 الدنيا في نظر علي عليه السلام

لم يكن للدنيا من علي حظ ولا نصيب، لقد تمكنت أن تصطاد بشراكها خلقاً كثيراً ولكنّها عجزت عن علي، إذ كان من الرعيل الذي كُشِفَ له النقاب فأدركها على حقيقتها، وهُتِكَ الستر له فرأى وجهها الطبيعي كما هو واقعها، لم تغرره محاسنها ولم تُمِله مشتهياتها، فقد وقف منها موقف الخصم العنيد وانتصر عليها بإرادته وقوّته وعزيمته.

إنّ عليّاً نظر إلى الدنيا نظرة من لا يستقر فيها ولا يخلد، إذ لم يُخلق لها بل خُلق لأجل الآخرة، وما الدنيا في نظره إلاّ دار ممر لا دار مقر، بينما الآخرة هي دار القرار، وإذا كان هذا هو الواقع وقد أيقن به علي، فما عليه إلاّ أن يكون في هذا المرر كأشرف إنسان يشتغل في الدنيا لصالح الآخرة ويعيش فيها ليكتسب ما يؤهله في الآخرة لأرفع الدرجات وأعلى المرتقيات.. فاسمع لبعض مواقفه منها حيث يقول "عليه السلام" :

(أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الدُّنْيَا دارُ مَجَازٍ، وَ الْآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ، فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ، وَلاَ تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَسْرَارَكُم، وَأَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ، فَفِيهَا اخْتُبِرْتُمْ، ولِغِيْرِهَا خُلِقْتُمْ).

ويقول "عليه السلام":

(وَإِنَّمَا الدُّنْيَا مَنْتَهَى بَصَرِ الْأَعْمَى، لاَ يُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيئاً، وَالْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا، فَالبَصِيرُ مِنْهَا شَاخِصٌ، وَالْأَعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ، وَالْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ، وَالْأَعْمَى لَهَا مُتَزَوِّدٌ).

ويقول "عليه السلام":

(عِبادَ اللهِ أُوصِيكُمْ بِالرَّفْضِ لِهذهِ الدُّنْيَا التَّارِكَةِ لَكُمْ، وَإِنْ لَمْ تُحِبُّوا تَرْكَهَا، وَالْمُبْلِيَةِ لِأَجْسَامِكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ تَجْدِيدَهَا... فَلاَ تَنَافَسُوا فِي عِزِّ الدُّنْيَا وَفَخْرِهَا، وَلاَ تَعْجَبُوا بَزِينَتِهَا وَنَعِيمِهَا، وَلاَ تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وَبُؤْسِهَا، فَإِنَّ عِزَّهَا وَفَخْرَهَا إِلَى انْقِطَاع، وَزِينَتَهَا وَنَعِيمَهَا إِلَى زَوَالٍ، وَضَرَّاءَهَا وَبُؤْسَهَا إِلَى نَفَادٍ).

إنّ عليّاً صبَّ كلَّ قدرته الهجومية على هذه الدنيا التي لا تدوم، وقد كانت في نظره أحقر من أن يهتم بها أو يعمل لها، كيف يكون لها في قلب علي مقدار ذرّة من الحب وهو الذي صوّرها بأبشع صورة وأقبحها، صورة تنفر منها الطباع وتشمئز من رؤيتها النفوس، إنّها صورة ممسوخة أصيبت بأقبح الأمراض وأشدّها عدوة وتنفيراً!. لقد صوّرها الإمام كما في إحدى خطبه بقوله:

(وَاللهِ لَدُنْيَاكُمْ هذِهِ أَهْوَنُ فِي عَيْنِي مِنْ عِرَاقِ خِنْزِير فِي يَدِ مَجْذُوم).

وهو الذي طلّق الدنيا ثلاثاً لا رجعة فيها، إنها طلاق بائن لا يأسف عليها ولا يتحسر، قد طلّقها وهي مُلك يديه، وهو في أوج مجده وعظمته، فقد خاطبها بقوله:

(اُعْزُبِي عَنِّي! فَوَاللهِ لاَ أُذِلُّ لَكِ فَتَسْتَذِلِّينِي، وَلاَ أَسْلَسُ لَكِ فَتَقُودِينِي، وَأيْمُ اللهِ - يَمِيناً أَسْتَثْنِي فِيهَا بِمَشِيئَةِ اللهِ - لأُروضَنَّ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهُشُّ مَعَهَا إِلَى الْقُرْص إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ مَطْعُوماً، وَتَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً).

هذه وقفة لعلي من الدنيا وما أكثر وقفاته معها، إن له معها جولات ومحاورات، لقد نفّر عنها كل من صلحت نفسه وحكّم عقله وضميره، فقد وعظ أصحابه وحذّرهم منها وعرّفهم شرّها وخيرها وما تنطوي عليه أيامها ولياليها، وقد خاطبها الإمام أكثر من مرة وبألحان مختلفة، فها هو يخاطبها خطاب من يعقل – وإن كانت لا تعقل – فلعلّ أهلها يعقلون، يخاطبها في جوف الليل عندما يسدل الظلام سدوله في تلك الآنات الهادئة الحالمة حيث أعين العباد في رقود وأعين العبّاد في سجود حيث تخشع نفس علي وتتوجه نحو بارئها، إنّه يتوجه إلى الله يناجيه والقلب العلوي لم ير غيره ولم يشغله سواه، يتوجه إليه بمراده ثم يقبل على الدنيا ليعلن رفضه لها وإنكاره لكل زخارفها، ولعل أصدق صورة لهذا الإمام العظيم ما وصفه به ضرار بن ضمرة وقد دخل على معاوية بعد وفاة علي فقال له: صف لي عليّاً.

قال: أو تعفيني من ذلك؟

فقال: لا أعفيك .

فقال: كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش الدنيا وزهرتها، ويستأنس باللّيل ووحشته، كان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلّب كفيّه، ويخاطب نفسه، ويناجي ربه، يعجبه من اللّباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب، كان والله  فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه وكان مع دنوّه منا وقربنا منه لا نكلّمه لهيبته، ولا نرفع أعيننا لعظمته، فإنْ تبسّم فمن مثل اللّؤلؤ المنظوم، يعظِّم أهل الدّين، ويحب المساكين، لا يطمع القويّ في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى اللّيل سدوله، وغارت نجومه، وهو قائم في محرابه قابضٌ على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، فكأنّي أسمعه وهو يقول:

يا دنيا، يا دنيا، أَبِي تعرّضتِ أم إليّ تشوّقت؟ هيهات هيهات غرِّي غيري، لا حاجة لي فيك قد طلقتك ثلاثًا لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وخطرك يسير وأملك حقير،آه من قلّة الزّاد، وبُعد السفر، ووحشة الطريق وعظم المورد ...

فسالت دموع معاوية على لحيته فنشّفها بكمه واختنق القوم بالبكاء، ثم قال: كان والله أبو الحسن كذلك، فكيف صبرك عنه يا ضرار(1)؟

قال: صبر من ذُبح واحدها على صدرها فهي لا ترقى عبرتها ولا تسكن حسرتها .. ثم قام وخرج وهو باك.

فقال معاوية: أما إنكم لو فقدتموني لما كان فيكم من يثني عليّ هذا الثناء.

فقال بعض من حضر: الصاحب على قدر صاحبه.

هذه هي نظرة علي إلى الدنيا، إنها نظرة واحدة انسجمت مع يقينه وما وصل إليه من حقائقها وانكشف له من واقعها، وقد بقيت هذه النظرة حتى آخر أيام حياته، فقد أوصى لولديه الحسن والحسين لما ضربه ابن ملجم بقوله: أوصيكما بتقوى الله وألا تبغيا الدنيا وإن بغتكما، ولا تأسفا على شيء منها زوي عنكما، وقولا الحق واعملا للأجر، وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عونا. (*)

_______________________

(1)البحار ج41 ص 121 ، ابن أبي الحديد ج18 ص 225.

(*) المصدر كتاب "الإمام علي منتهى الكمال البشري" للسيد عباس علي الموسوي.

 
 
أضف تعليقاً
الاسم
البريد الإلكتروني
التعليق
من
أرقام التأكيد Security Image
 
 
 
محرك البحث
 
القائمة البريدية
 
آخر المواقع المضافة
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمود الهاشمي الشّاهرودي
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض دام ظله
 
آخر الصور المضافة
 
آخر الصوتيات المضافة
الإمام المجتبى عليه السلام بين حكم التاريخ وحاكميته
ضوابط قرآنية في حل المشكلات
الإمام الصادق عليه السلام ومحاربة الإنحراف
من ثمار التقوى
وقفات مع علم النفس القرآني
 
آخر الكتب المضافة
العبادة والعبودية
آية التطهير فوق الشبهات
إرشاد الحائر إلى صحة حديث الطائر
حديث الغدير فوق الشبهات
رسالة مختصرة في الفطرة والمشكلة الإنسانية
 
آخر الأسئلة المضافة
س:

  هل یجوز للرجل الزاني الزواج بابنة المراة التي زنا بها؟

ج:

  یجوز والاحوط استحباباً تركه.